ما هو الديزل واستخداماته

الديزل: الوقود الحيوي لمحركات الاحتراق الداخلي

الديزل هو نوع من أنواع الوقود السائل المستخدم بشكل رئيسي في محركات الاحتراق الداخلي، وخاصة في المحركات ذات الاحتراق الداخلي التي تعمل بضغط مرتفع. وهو يعتبر من أهم أنواع الوقود في قطاع النقل، والصناعة، والزراعة، وكذلك في التطبيقات البحرية والسكك الحديدية. يعود اسم “الديزل” إلى المخترع الألماني رودولف ديزل، الذي طور محرك الديزل في أواخر القرن التاسع عشر، والذي كان له دور كبير في تحسين كفاءة المحركات واستخدام أنواع وقود أكثر اقتصادية مقارنة بمحركات البنزين التقليدية.

تعريف الديزل وتركيبته الكيميائية

الديزل هو خليط معقد من الهيدروكربونات، يتكون بشكل رئيسي من مركبات الألكانات والألكينات والأروماتيات التي تحتوي على عدد ذرات كربون يتراوح بين 10 إلى 22 ذرة. يتم استخلاص الديزل بشكل أساسي من النفط الخام عبر عمليات التكرير والتقطير الفراغي، ويتميز بخصائص فيزيائية وكيميائية تجعله وقودًا مناسبًا لمحركات الاحتراق الداخلي التي تعتمد على الضغط العالي لإشعال الوقود.

يتميز الديزل بكثافة طاقته العالية، حيث يحتوي على كمية كبيرة من الطاقة لكل وحدة حجم مقارنة بالبنزين، مما يجعله أكثر كفاءة في استهلاك الوقود في المحركات الثقيلة والمركبات ذات الاستخدام المكثف. كما أن الديزل يتمتع بنقطة غليان أعلى ونقطة اشتعال أعلى مقارنة بالبنزين، مما يجعله أكثر أمانًا في التخزين والنقل.

خصائص الديزل الفيزيائية والكيميائية

تتضمن الخصائص الفيزيائية للديزل لونه، ولزوجته، وكثافته، ونقطة اشتعاله، ونقطة تجمده، وكلها عوامل تؤثر في أدائه واستخدامه في الظروف المختلفة. عادةً ما يكون لون الديزل من الأصفر الفاتح إلى البني، ويتغير لزوجته بحسب درجة الحرارة والتركيب الكيميائي. متوسط كثافة الديزل يتراوح بين 820 إلى 860 كغ/م³.

نقطة اشتعال الديزل تتراوح بين 52 إلى 96 درجة مئوية، وهي أعلى من البنزين، ما يقلل من خطر الاشتعال غير المقصود، بينما نقطة تجمده قد تصل إلى ما دون الصفر بدرجات متفاوتة حسب نوع الديزل ودرجة تنقيته، مما يتطلب تعديل تركيبته أو إضافات كيماوية في المناطق الباردة لتفادي التجمّد أثناء الاستخدام.

أنواع الديزل واستخداماته المختلفة

يوجد عدة أنواع من الديزل تختلف حسب درجة التكرير، المحتوى الكبريتي، ونوع الإضافات المضافة إليه:

• الديزل العادي: وهو الديزل التقليدي الذي يحتوي على نسبة كبريت عالية نسبيًا، ما يؤدي إلى انبعاثات ملوثة أعلى.

• الديزل منخفض الكبريت (Low Sulfur Diesel – LSD): يقلل من كمية الكبريت المنبعثة ويحسن من أداء المحركات ويحمي البيئة.

• الديزل الحيوي (Biodiesel): منتج من مصادر نباتية أو حيوانية، يُخلط مع الديزل التقليدي لتقليل انبعاثات الغازات الضارة وزيادة استدامة الوقود.

• الديزل البحري: مصمم خصيصًا للاستخدام في السفن وله مواصفات تختلف عن الديزل المستخدم في المركبات البرية.

تتنوع استخدامات الديزل بين قطاع النقل الثقيل مثل الشاحنات، الحافلات، القطارات، والسفن، وقطاع الزراعة حيث تستخدم الجرارات والآلات الزراعية محركات ديزل ذات كفاءة عالية. كما يستخدم في المولدات الكهربائية لتوفير الطاقة في المناطق النائية أو كاحتياطي في حالات انقطاع التيار الكهربائي.

كيفية عمل محرك الديزل

يختلف محرك الديزل عن محرك البنزين في طريقة إشعال الوقود. في محركات البنزين، يتم إشعال خليط الوقود والهواء بواسطة شرارة كهربائية، بينما في محركات الديزل يتم ضخ الهواء إلى داخل الأسطوانة وضغطه بشدة حتى ترتفع درجة حرارته، ثم يتم حقن الوقود (الديزل) في الهواء الساخن، مما يؤدي إلى اشتعاله تلقائيًا بدون الحاجة إلى شرارة.

يتميز هذا النظام بكفاءته العالية واستهلاكه الأقل للوقود، بالإضافة إلى قدرته على توليد عزم دوران كبير، مما يجعله مثاليًا للمركبات الثقيلة والآلات الصناعية. كما أن محركات الديزل تكون أكثر تحملًا وأطول عمرًا بسبب التصميم الذي يتحمل الضغط العالي ودرجة الحرارة المرتفعة.

مزايا الديزل مقارنة بالوقود الآخر

تكمن مزايا الديزل في كفاءته العالية مقارنة بالبنزين، حيث أن احتراقه ينتج طاقة أكثر لكل وحدة حجم من الوقود، مما يوفر استهلاك الوقود ويقلل التكاليف التشغيلية. كما أن محركات الديزل تكون أكثر متانة وقوة، وتتمتع بعمر افتراضي أطول.

من ناحية بيئية، فإن الديزل منخفض الكبريت والديزل الحيوي يسهمان في تقليل الانبعاثات الضارة، ويُعتبران جزءًا من الحلول البيئية للحد من تلوث الهواء خاصة في المدن والمناطق الصناعية.

التحديات البيئية المرتبطة بالديزل

رغم مزايا الديزل، إلا أنه يواجه تحديات بيئية كبيرة بسبب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون (CO2)، وأكاسيد النيتروجين (NOx)، والجسيمات الدقيقة التي تسبب تلوث الهواء وتؤثر على صحة الإنسان. تُعتبر هذه الانبعاثات من المصادر الرئيسية لتلوث الهواء الذي يسبب أمراض الجهاز التنفسي والقلب، وكذلك يؤثر في ظاهرة الاحتباس الحراري.

لذلك، قامت العديد من الدول بوضع معايير صارمة لانبعاثات الديزل، وتشجيع استخدام تقنيات التنقية، مثل فلاتر الجسيمات وأنظمة إعادة تدوير غاز العادم، بالإضافة إلى التحول التدريجي نحو الديزل الحيوي والطاقة النظيفة.

تطور تقنيات الديزل والبدائل المستقبلية

شهدت تقنيات محركات الديزل تطورًا ملحوظًا في العقود الأخيرة مع إدخال أنظمة الحقن الإلكتروني، وتقنيات التوربو، وأنظمة التحكم في الانبعاثات. هذه التقنيات حسّنت من كفاءة الوقود وأدت إلى تقليل الانبعاثات الملوثة.

في المستقبل، يُتوقع أن تستمر الأبحاث في تطوير محركات ديزل صديقة للبيئة أكثر، مع الاعتماد على وقود الديزل الحيوي والوقود المدمج، وكذلك استبدال المحركات التقليدية بأنظمة كهربائية أو هجينة. كما أن الدراسات تركز على تقنيات الهيدروجين والوقود النظيف كبدائل واعدة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري التقليدي.

جدول مقارنة بين الديزل والبنزين من حيث الخصائص الأساسية

الديزل يعتبر حجر الزاوية في مجال الطاقة للعديد من التطبيقات الحيوية على مستوى العالم، وقد ساهم بشكل كبير في تطوير النقل الصناعي والاقتصادي. بالرغم من التحديات البيئية، فإن التطورات التكنولوجية المستمرة تهدف إلى جعله وقودًا أكثر استدامة وفعالية في المستقبل. تعتمد الكثير من الدول والشركات على محركات الديزل بسبب متانتها وكفاءتها العالية، مما يجعل فهم خصائصه واستخداماته أمرًا ضروريًا في إطار التطورات الصناعية والطاقة العالمية.

المصادر والمراجع

• Encyclopaedia Britannica: “Diesel fuel”

• U.S. Energy Information Administration (EIA): “Diesel and gasoline explained”